
مفاوضات جدة .. هل تعيد استنساخ المبادرة الخليجية ونتائجها؟ (تقرير)
شاهد تكملة الخبر في الأسفل
فاوضات جدة الحالية بين الشرعية، المدعومة سعودياً، والانتقالي المدعوم من الإمارات، أعادت للأذهان مفاوضات أخرى مماثلة حدثت بين قطبي الحكم في الشمال برعاية المملكة نفسها، وانتهت بتوقيع المبادرة الخليجية.
في وقتها، صوّرت جميع الأطراف بأن التوقيع على المبادرة سيغلق ملف الأزمة، التي اندلعت بالتزامن مع ثورات #الربيع_العربي، وظن كل طرف أنه خرج منتصراً، وأن المبادرة أتت لإنصافه.
وما هي إلا أشهر وربما أيام، حتى تأكد الجميع أنهم خرجوا منها بخفي حنين، وأن مقررات المبادرة، أخرجت البلاد من أزمة ورمتها إلى أزمات أدهى وأمر.
ولأن الأطراف السياسية في اليمن لا تتمتع بذاكرة جيدة، كما لا تستفيد من أخطائها في الماضي، فهي اليوم تعيد السيناريو الذي سينتهي، ولا شك بنتائج كارثية، ولكن في الجنوب فقط.
فالمبادرة الخليجية الأولى، تضمن ما بدا وكأنه حل مرضٍ لطرفي الصراع، حيث تم تقسيم المناصب الحكومية بين #المؤتمر_الشعبي_العام وأحزاب اللقاء المشترك بالمناصفة، وبذلك حلت الكارثة.
حيث أصبح أمام كل طرف فرصة لضرب الآخر، وتشويه سمعته وإفشال مشاريعه، ومن داخل أروقة الحكومة نفسها.
كما أن تفاصيل المبادرة تركت المجال مفتوحاً للمزيد من النزاعات المستقبلية، التي تدفقت حتى انتهى الحال بسقوط الطرفين تماماً في الشمال، بعد أن بحث كل منهما عن حليف ثالث للانتقام من الثاني، ووجدا ضالتهما في الحوثي، الذي لم يكن جزءاً من أي اتفاقات مماثلة إلى حينه.
واليوم نحن أمام طرفين مماثلين في الجنوب، وبينهما حوار ترعاه المملكة نفسها، وقد يفضي إلى نتائج لا تقل كارثية عن الحوارات السابقة.
فالانتقالي يرفع شعار الانفصال عالياً، ويستأثر في الوقت نفسه بالقضية الجنوبية، ويستقوي على بقية الفصائل بسلاح الإمارات، فيما ترى الشرعية أنها فعلاً ما زالت شرعية، رغم أنها تمثل طرفاً واحداً هو #حزب_الإصلاح الذي اختزل البلاد والعباد في نفسه، وأقصى الجميع في مارب، كما أقصاهم من قبل في صنعاء.
وبين هذا وذاك، يقف #شعب_الجنوب حائراً أمام مستقبل مجهول وغامض، ولا يرى بين مختلف الأطراف من يمثله.
فالجميع في جدة يبحث عن مكاسب فئوية ضيقة ولو كانت مؤقتة، ويتجاهل أن مصير الملايين من الجنوبيين مرهون بتلك المغامرات السياسية الطائشة.
كما أن جراح الماضي القريب لم تندمل بعد، وسيرى كل طرف في اتفاق جدة القادم، فرصة لتصفية حساباته السياسية، والخروج منتصراً أمام جماهيره ورعاته.
وستفضي تلك المناكفات إلى طريقين لا ثالث لهما: إما أن ينتصر أحدهما ويقصي الآخر إلى الأبد، كما حدث من قبل في صيف 94،
أو يبحث كل منهما عن شريك ثالث، سيصل إلى السلطة منفرداً بفضل غبائهما كما حدث في 2014 في صنعاء.
وفي الحالتين ستبقى المأساة الجنوبية قائمة، ولن تجد حلاً في القريب المنظور بفضل انعدام الثقة بين الأطراف المتصارعة، والثقة المفرطة في رعاة الحوار في الخارج.