
كان زعماء العالم يراهنون على تراجع فيروس كورونا المستجد بأقل خسائر ممكنة من الأرواح والأموال، لكن يبدو أنهم لم يتوقعوا أن الإصابات ستتعدى عامة الناس وتصل إليهم، ويصبح الأمر تهديداً لمراكز القرار في العالم.
وبالرغم من إعلان الصين، التي تعتبر بؤرة ظهوره، عن إحراز تقدم في معركتها ضد الفيروس، وانخفاض عدد الإصابات الجديدة بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة، فإن المخاوف زادت بعد توسع المرض في أوروبا وصولاً إلى أمريكا، وتردّد أنباء عن تعرض قادة بعض الدول والحكومات للإصابة بالفيروس.
شاهد تكملة الخبر في الأسفل
ويواصل فيروس كورونا "كوفيد 19" الزحف والتمدد في القارات كافة، حاصداً أرواح نحو 5 آلاف شخص من إجمالي المصابين الذين يزيدون على 135 ألف مُصاب في أكثر من 120 دولة حول العالم، الغالبية العُظمى منها في الصين القارية وأوروبا وإيران، وذلك منذ بدأت رحلة انتشاره في أواخر ديسمبر الماضي من مدينة ووهان بمقاطعة هوبي الصينية.
انخفاض في المصدر.. وازدياد بالعالم
مع دخول حمى كورونا التي اجتاحت الصين في أواخر العام الماضي 2019، قبل أن تتفشى في أنحاء العالم، شهرها الرابع، يبدو أن بؤرة انطلاق الفيروس المستجد بدأت تتنفس الصعداء.
فقد أعلنت لجنة الصحة الوطنية في الصين، 13 مارس 2020، أن البلاد تجاوزت ذروة تفشي وباء فيروس كورونا، وقالت إن بر الصين الرئيسي سجل 8 حالات إصابة مؤكدة جديدة فقط بالفيروس، الخميس، انخفاضاً من 15 في اليوم السابق، فيما سجلت في مركز تفشي المرض، مقاطعة خوبي وسط الصين، 6 حالات وفاة جديدة كلها في مدينة ووهان عاصمة المقاطعة.
وقال المتحدث باسم اللجنة مي فنغ، في مؤتمر صحافي، إن البلاد بدأت الخروج من ذروة الفيروس، مع تسجيل أعداد أقل من الإصابات عن السابق.
لكن في المقابل تزايدت أرقام الإصابات والوفيات في دول العالم، وخصوصاً في أوروبا، التي كانت إيطاليا على وجه الخصوص متصدرة الإصابات من بين دولها، إضافة إلى إيران، فيما أعلنت مزيد من الدول اكتشاف إصابات جديدة خلال أواخر الأسبوع الجاري.
وبلغ عدد الذين توفوا بسبب المرض حول العالم 4990 حتى منتصف نهار الـ13 من مارس الجاري، فيما بلغ عدد المصابين 135 ألف شخص، أما حالات الشفاء فقد بلغت 70400 شخص.
وبينما تحتل الصين، مركز انتشار المرض، الصدارة في عدد المتوفين بـ3177، بلغ عدد المتوفين في إيطاليا 1016 حالة، وفي إيران 429، وسط شكوك بزيادة الأرقام أكثر من المعلن من قبل طهران.
قادة العالم مصابون.. وآخرون تحت المراقبة
وأقام فيروس "كوفيد-19" الدنيا ولم يقعدها بعد، ووصل مداه إلى قادة وزعماء العالم، بعدما أعلنت عدد من الدول إصابة مسؤوليها، فيما اتخذت دول أخرى إجراءات وقائية لعدم إصابتهم.
وذكرت وكالة "فرانس برس" للأنباء (13 مارس)، أن رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، يعمل من منزله ضمن حجر صحي 14 يوماً، بعدما أصيبت زوجته صوفي جريجوار بالمرض عقب عودتها من بريطانيا.
كما أعلنت الحكومة البرازيلية، في 12 مارس، أن وزير الاتصالات فابيو واجنجارتن، أصيب بفيروس كورونا المستجد.
وعقب إعلان خبر إصابة الوزير البرازيلي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه لا يشعر بالقلق بعد لقائه قبل ذلك بأيام الوزير فابيو، الذي تأكدت إصابته بالفيروس، فيما وُضع الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو تحت المراقبة الصحية للتأكد من عدم إصابته.
وفي النرويج، أعلنت السلطات أن الملك هارالد الخامس والملكة وكامل أعضاء الحكومة وضعوا في الحجر الصحي بسبب الفيروس، فيما أكدت وزارة الخارجية النرويجية إصابة وزيرة الخارجية بسبب كورونا.
وفي تركيا، أعلنت الرئاسة تأجيل الزيارات الخارجية للرئيس رجب طيب أردوغان، في إطار التدابير الاحترازية من كورونا.
الشاهد برس
أما إيران، فقد ذكرت وسائل إعلام محلية، في 13 مارس، أن علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي أصيب بالفيروس ويخضع للحجر الصحي.
كما ظهر نائب وزير الصحة الإيراني، إيرج حريرجي، متعباً خلال مؤتمر صحفي مع المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، مطلع مارس الجاري، وقد أكد في وقت لاحق إصابته بفيروس كورونا.
وأصيبت معصومة ابتكار، نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة بالفيروس، حيث وضعت رهن الحجر الصحي في بيتها بطهران. وأعلنت عدة شخصيات سياسية إيرانية أخرى إصابتها بالفيروس وبأنها تخضع لحجر صحي.
كما ذكرت وكالة "فرانس برس"، في 13 مارس، إصابة وزير الداخلية الأسترالي بيتر داتون، بفيروس كورونا.
وكانت لندن أعلنت، في 11 مارس، إصابة وزيرة الدولة لشؤون سلامة المرضى والوقاية من الانتحار نادين دوريس، بفيروس "كورونا"، بعد أيام من إعلان إصابة وزير الثقافة الفرنسي فرانك ريستر بالفيروس.
وألغت الرئاسة الفرنسية العديد من اجتماعات الرئيس إيمانويل ماكرون، كإجراء احترازي لتجنب إصابته بـ "كوفيد-19"، كما وضعت مدير مكتب الرئيس، باتريك سترزودا، الذي يعد أحد أقرب مساعديه، قيد الحجر الصحي، بسبب شكوك بإصابته بالفيروس المستجد.
تعليق جلسات واجتماعات
وفي فرنسا أيضاً، قررت السلطات هناك نقل اجتماعات مجلس الوزراء من القاعة التي تُعقد فيها تقليدياً إلى أخرى أكبر مساحة لضمان ترتيب المقاعد على مسافة متر على الأقل، عقب إصابة 10 نواب بالفيروس.
كما قرر البرلمان الإسباني تعليق جلساته 15 يوماً بسبب تفشي كورونا.
وفي الجزائر، قررت الغرفة الأولى للبرلمان تعليق عملها.
كما قرر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة تقليص جدول أعماله خلال مارس الجاري كإجراء احترازي، في حين أرجأت المنظمة مناسبات عدة كانت مقررة في مارس وأبريل المقبل بسبب تفشي الفيروس، منها اجتماع حول التنوع البيئي البحري ومنتدى عن السكان الأصليين لبعض البلدان، وآخر حول المرأة.
كما أفاد بيان لمجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة بتعليق جلسته السنوية التي تستمر أربعة أسابيع ابتداء من الجمعة (13 مارس).
وحث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الدول الأعضاء بالمنظمة على إلغاء جميع الفعاليات الموازية للاجتماعات الأممية.
تخوفات رسمية من آثار كورونا
وعقد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اجتماعاً بأعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري، لبحث سبل مواجهة الفيروس.
وكان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، قد ظهر في خطاب، الخميس (12 مارس)، تحدث فيه عن أن "الأسوأ فيما يتعلق بتفشي فيروس كورونا المستجد في المملكة المتحدة لم يبدأ بعد".
وأوضح جونسون، في مؤتمر صحفي للإعلان عن "تأخير" خطة عمل الحكومة البريطانية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، أن "الفترة الأكثر خطورة ليست الآن، ولكن بعد بضعة أسابيع اعتماداً على سرعة انتشار الفيروس".
وأضاف جونسون: "الفيروس أكثر خطورة من الإنفلونزا الموسمية، وسيصاب به المزيد من الناس"، وحذر رئيس وزراء بريطانيا من أن "المزيد من العائلات ستفقد أحباءها".
بدوره دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ تدابير اقتصادية على مستوى الاتحاد لمواجهة آثار تفشي الوباء.
وقال ماكرون: "سنردّ بشكل قوي وسريع. على كل الحكومات الأوروبية أن تتّخذ قرارات دعم للنشاط الاقتصادي وقرارات إنعاش، مهما كلّف الأمر".
وأضاف أنه سيطلب من الرئيس الأمريكي، الذي ترأس بلاده مجموعة السبع الكبرى حالياً، إعداد مبادرة "استثنائية" للوقوف في وجه التداعيات الاقتصادية للمرض.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أوقفت حركة السفر مع أوروبا باستثناء بريطانيا، في إطار الإجراءات الأمريكية للحد من انتشار فيروس كورونا، في وقتٍ أوقفت عدة دول حول العالم حركة السفر مع عدة دول، ما قد يرفع من الآثار الاقتصادية الواسعة على مستوى العالم التي سيخلفها انتشار الفيروس.