
ما سأكتبھ ھنا لیس متعلق بشخص معین عبد الملك ، بل بسیرتھ الذاتیة ومسیرتھ
السیاسیة التي لا تؤھلھ إطلاقا لأن یكون رئیسا لحكومة في مرحلة تعیش فیھا البلاد
حرب استعادة الدولة وانقساما سیاسیا وجغرافیا . فالرجل لا یمتلك أي خبرة إداریة أو
سیاسیة . وقد عرف قدر نفسھ ، حینما قال : إنھ لا شأن لھ بما ھو عسكري أو سیاسي .
بھذا التصریح زال العجب وعرف السبب . نحن أمام حكومة یقودھا رئیس ذا مستوى
أقل من منصب بھذا الحجم ھو ضعیف وفاشل . وھذا عزز ورسخ الفشل داخل حكومتھ
. ومما لا شك فیھ أن ضعف الحكومة یشكل خطرا على الشرعیة وعلى استمرارھا .
لقد فقدت الشرعیة شعبیتھا وھي في حالة تآكل مستمر منذ شكلت ھذه الحكومة .
دفعني للكتابة ما تناولتھ الوسائط الإعلامیة حول توقیف وزیر النقل واستقالة وزیر
الخدمة المدنیة . كان قرار توقیف وزیر النقل بحجة أنھ لم یحضر اجتماعات الحكومة
وبحسب علمي أن الحكومة لم تجتمع منذ انقلب الانتقالي على الشرعیة واختطف عدن
على غرار اختطاف الحوثیین لصنعاء . أما وزیر الخدمة المدنیة فقد أقدم على خطوة
شجاعة تحسب لھ إذ إنھا لیست من ثقافة الوزراء ولم یقدم علیھا أحد منذ عام ٩٠ ، بما
فیھا ھو یوم كان وزیرا للسیاحة . وھذا یؤكد أن وزیر الخدمة لم یستطع مجاراة
الاختلالات التي وصلت إلى حد یصعب السكوت علیھا .
شاهد تكملة الخبر في الأسفل
أرید أن أقول بوضوح إن الغایة من وجود حكومة ھي إدارة الأزمات ومعالجة
الاختلالات وخدمة مصلحة المواطنین وحمایة الأمن العام وجلب المنافع للبلد وإبعاد
الضرر عنھ . وھنا یمكن القول بحیاد ومن واقع الحال ، دون تحامل أو تھوین ، فمعین
عبد الملك منذ تسلم رئاسة الحكومة والأزمات تتفاقم . لم تحقق حكومتھ الاستقرار
للمناطق المحررة ، والاستقرار ھو أھم ركیزة تمنح الشرعیة والمشروعیة لأي حكومة
في العالم .
منذ تسلم معین زمام الحكومة والجانب العسكري یتقھقر والشرعیة تتآكل ولم نسمع
للحكومة أي تعلیق أو مساءلة ، حتى البرلمان نفسھ ، لكن البرلمان معذور فرئیسھ
یطوف دول العالم ویأكل السندوتشات السفري في السیارات والطائرات باحثا عن
خیوط استعادة الوطن . فالمجلس لیس لدیھ الوقت لمساءلة الحكومة لأنھ یدور طرف
الخیط . مش مھم تسقط نھم ولا تبتلع الجوف . المھم البحث عن الخیوط .
ولن أجانب الحقیقة إذا قلت إن استقالة وزیر الخدمة المدنیة ھي النقطة التي أفاضت
كأس حكومة الدكتور معین . استقالة وزیر الخدمة وتوقیف وزیر النقل جعلت الكثیرین
لا یشعرون بالطمأنینة لاستمرار حكومة معین . وھذا لیس تبخیسا لھا ، بل وصف
موضوعي لممارستھا السیاسیة والإداریة والعسكریة .
من المضحك أن یسبب رئیس الحكومة قرار توقیفھ لوزیر النقل بأنھ یتواجد في الخارج
ولم یحضر اجتماعات الحكومة ، وھو یعلم أن الحكومة كلھا في الخارج ولم تجتمع منذ
انقلب الانتقالي على الشرعیة واختطف عدن . ویعرف كذلك أن ھناك خلاف بین دولة
الإمارات وجزء كبیر من أعضاء الشرعیة بما فیھم وزیر النقل . وھذا الأمر لا یدعو
إلى توقیفھ بل إلى إصلاح ذات البین بین الشرعیة ودولة الإمارات العربیة المتحدة .
وبناء على ذلك أقول إن الیمن تمر بظروف غیر طبیعیة وتحتاج إلى حكومة قویة
تشرع في إیجاد مصالحة داخل الشرعیة أولا وبین الشرعیة والإمارات ثانیا . نحتاج
إلى حكومة تقود مصالحة حقیقیة وعلاقات یمنیة متوازنة مع دول تحالف دعم الشرعیة
.بدون إجراء مصالحة لن یتوفر الأمن ، وبدون الأمن فلا قیمة لأي حكومة لا توفر
الأمن للمواطن الیمني وتحقیق السلم الأھلي والاجتماعي .
لقد حان الوقت لأن نضع أصابعنا على الجرح ونقول إن ھناك خللا بحاجة إلى إصلاح
. وھذا یأتي من تغییر الحكومة لأنھ من دون ذلك ستنقرض الشرعیة . على الشرعیة
أن تسرع في تشكیل حكومة وفق اتفاق الریاض . وعلى المملكة العربیة السعودیة
ودولة الإمارات العربیة المتحدة أن یسھما في ذلك لأن الوقت من دم ، خاصة وأن
الحوثي مستمر في عدوانھ على الشعب الیمني .
یبقى السؤال: ھل ستبقى حكومة معین عبد الملك وتتحلل الشرعیة ، أم ستبقى الشرعیة
وتذھب حكومة معین ؟ الأمر بید السفیر السعودي الذي یتھم بتمسكھ بمعین عبد الملك .
وأنا لا أعتقد أن سفیر المملكة مع أشخاص ، بل مع الیمن . علیھ أن یسھم في الدعوة
إلى تغییر الحكومة لكي یسقط مزاعم الآخرین . ولا یفوتني ھنا أن أدعو الشرعیة
وتحالف دعم الشرعیة إلى تنفیذ ورشة عمل یتم من خلالھا إنجاز مشروع مصالحة یعید
الأطراف جمیعا إلى دائرة الأولویات .